فصل: قال السمرقندي في الآيات السابقة:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



وهذا حدث فعلًا في غزوة بدر حين نزل رسول الله صلى الله عليه وسلم منزلًا رأى بعض الصحابة أن غيره خير منه، فسألوا رسول الله: أهذا منزل أنزلكَهُ الله، أم هو الرأْيُ والمشورة؟ فقال: «بل هو الرأي والمشورة» فأخبروه أنه غير مناسب، وأن المكان المناسب كذا وكذا.
وقوله تعالى: {أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ} [النور: 63] أي: في الدنيا {أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [النور: 63] أي: في الآخرة، فإنْ أفلتوا من فتنة الدنيا فلنْ يُفلتوا من عذاب الآخرة.
ثم تختم السورة بقوله تعالى: {ألا إِنَّ للَّهِ مَا فِي السماوات والأرض}.
ألا: أداة تنبيه لشيء مهم بعدها، والتنبيه يأتي لأن الكلام سفارة بين المتكلم والمخاطب، المتكلم عادة يُعد كلامه، ولديْه أُنْسُّ بما سيقول، لكن المخاطب قد لا يكون خالي الذِّهْن فيفاجئه القول، وربما شغله ذلك عن الكلام، فيضيع منه بعضه.
والحق تبارك وتعالى يريد ألاَّ يضيع منك حرف واحد من كلامه، فينبهك بكلمة هي في الواقع لا معنى لها في ذاتها، إلا أنها تنبهك وتُذهِب ما عندك من دهشة أو غفلة، فتعي ما يُقال لك، وهذا أسلوب عربي عرفته العرب، وتحدثتْ به قبل نزول القرآن.
ويقول الشاعر الجاهلي يخاطب المرأة التي تناوله الكأس:
أَلاَ هُبِّي بصَحْنِكِ فَاصْبِحِيناَ ** وَلاَ تُبْقِي خُمُورَ الأَنْدرِينَا

يريد أن ينبهها إلى الكلام المفيد الذي يأتي بعد.
وبعد ألا التنبيهية يقول سبحانه: {إِنَّ للَّهِ مَا فِي السماوات والأرض} [النور: 64].
والسموات والأرض ظرف فيهما كل شيء في الكون العُلْوي والسُّفْلي، فلله ما في السموات وما في الأرض أي: المظروف فيهما، فما بال الظرف نفسه؟ قالوا: هو أيضًا لله، كما جاء في آية أخرى: {للَّهِ مُلْكُ السماوات والأرض} [النور: 42] إذن: فالظرف والمظروف مِلْك له سبحانه.
وعادةً ما يكون الظرف أقلَّ قيمةً من المظروف فيه، فما بداخل الخزينة مثلًا أثمن منها، وما بداخل الكيس أثمن منه، وكذلك عظمة السموات والأرض بما فيهما من مخلوقات. لذلك إياك أنّْ تجعل المصحف الشريف ظرفًا لشيء مهم عندك فتحفظه في المصحف؛ لأنه لا شيء أغلى ولا أثمن من كتاب الله، فلا يليق أن تجعله حافظةً لنقودك، أو لأوراقك المهمة؛ لأن المحفوظ عادة أثمن من المحفوظ فيه.
وفي الآية: {ألا إِنَّ للَّهِ مَا فِي السماوات والأرض} [النور: 64] أسلوب قصر بتقديم الجار والمجرور، فكلُّ ما في السموات، وكل ما في الأرض مِلْكٌ لله وحده، لا يشاركه فيه أحد، وعلى كثرة المفترين في الألوهية والفرعونية لم يَدَّعِ أحد منهم أن له مُلْكَ شيء منها.
حتى إن النمورد الذي جادل أبانا إبراهيم عليه السلام وقال: أنا أُحي وأميت لمَّا قال له إبراهيم: {فَإِنَّ الله يَأْتِي بالشمس مِنَ المشرق فَأْتِ بِهَا مِنَ المغرب} [البقرة: 258] لم يستطع فِعْل شيء وبُهِت وانتهت المسألة.
ومُلْكه تعالى لم يقتصر على الخَلْق، فخَلَق الأشياء ثم تركها تؤدي مهمتها وحدها، إنما خلقها وله تعالى قيومية على ما خلق، وتصرّف في كل شيء، فلا تظن الكون من حولك يخدُمك آليًا، إنما هو خاضع لإرادة الله وتصرّفه سبحانه.
فالماء الذي ينساب لك من الأمطار والأنهار قد يُمنع عنك ويصيب أرضك الجفاف، أو يزيد عن حَدِّه، فيصبح سيولًا تغرق وتدمر، إذن: المسألة ليست رتابة خَلْق، وليست المخلوقات آلاتٍ ميكانيكية، إنما لله المْلك والقيومية والتصرُّف في كل ما خلق.
ثم يقول سبحانه: {قَدْ يَعْلَمُ مَآ أَنتُمْ عَلَيْهِ} [النور: 64] لفهم هذه الآية لابد أن نعلم أن علاقة الحق تبارك وتعالى بالأحداث ليستْ كعلاقتنا نحن، فنحن نعلم من علم النحو أن الأفعال ماضٍ، وهو ما وقع بالفعل قبل أن تتكلم به مثل: جاء محمد، ومضارع وهو إما للحال مثل: يأكل محمد. أو للاستقبال مثل: سيأكل محمد.
أما بالنسبة لله تعالى، فالأحداث سواء كلها مَاضٍ وواقع، وقد تكلمنا في هذه المسألة في قوله تعالى: {أتى أَمْرُ الله فَلاَ تَسْتَعْجِلُوهُ} [النحل: 1].
ومعلوم أن الاستعجال يكون للأمر الذي يأْتِ بَعْد، والقيامة لم تأتِ بعد لكن عبَّر عنها بالماضي {أتى} لأنه سبحانه لا يعوقه ولا يُخرجه شيء عن مراده، فكأنها أتتْ بالفعل، إذن: {فَلاَ تَسْتَعْجِلُوهُ} [النحل: 1] ليست منطقية مع كلامك أنت، إنما هي منطقية مع كلام الله.
كذلك في قوله تعالى: {قَدْ يَعْلَمُ مَآ أَنتُمْ عَلَيْهِ} [النور: 64] فقد: للتحقيق، ويعلم بالنسبة لله تعالى تعني عَلِم، لكنه بالنسبة لك أنت يعلم: إذن: فهناك طرف منك وطرف من الحق سبحانه، فبالنسبة للتحقيق جاء بقد، وبالنسبة للاستقبال جاء بيعلم.
ثم يقول سبحانه: {وَيَوْمَ يُرْجَعُونَ إِلَيْهِ فَيُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُواْ والله بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمُ} [النور: 64] وجاء في آية أخرى: {وَمَا يَعْزُبُ عَن رَّبِّكَ مِن مِّثْقَالِ ذَرَّةٍ فِي الأرض وَلاَ فِي السماء وَلاَ أَصْغَرَ مِن ذلك ولا أَكْبَرَ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ} [يونس: 61].
فإياك أن تفهم أن نظر الله ورؤيته سبحانه للأبعاض المختلفة في الأماكن المختلفة رؤية جزئية، تتجه إلى شيء فلا ترى الآخر، إنما هي رؤية شاملة، كأن لكل شيء رؤية وحده، وهذا واضح في قوله تعالى: {أَفَمَنْ هُوَ قَآئِمٌ على كُلِّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ} [الرعد: 33].
فسبحانه لا يشغله سَمْع عن سمع، ولا بَصَر عن بصر، فبصره سبحانه محيط، واطلاعه دقيق؛ لذلك يأتي جزاؤه حقًا يناسب دِقّة اطلاعه، فإياك إذن أن تغفل هذه الحقيقة، فربُّك قائم عليك، ناظر إليك، لا تَخْفى عليه منك خافية.
فيا مَنْ تتسلل لِواذًا احذر، فلا شيء أهمّ من مجلس مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، ورسول الله نفسه كان حريصًا أن يرى أصحابه في مجلسه بإستمرار، والله تعالى يوصيه بذلك فيقول له: {وَلاَ تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ} [الكهف: 28].
وكان بعض أصحابه يُصلِّي خلفه، فكان عندما يسلم ينصرف الرجل مسرعًا فيراه صلى الله عليه وسلم في أول الصلاة، ولا يراه في آخرها، فاستوقفه في إحدى الصلوات وقال له: «أزهدًا فينا»؟ وكأنه يعزّ على رسول الله أن يجد أحد أصحابه لا يتواجد مع حضرته، أو يَزْهَد في مجلسه، فيُحرم من الخيرات والتجليات التي تتنزل على مجلس رسول الله، ويُحرَم من إشعاعات بصيرته وبصره إليه.
لذلك أُحرِج الرجل، وأخذ يوضح لرسول الله صلى الله عليه وسلم ما يدفعه كل صلاة إلى الإسراع بالانصراف، وأن هذا منه ليس زهدًا في حضرة رسول الله ومجلس رسول الله، فقال: يا رسول الله إن لي امرأة بالبيت تنتظر ردائي هذا لتصلي فيه.
يعني: ليس لديه في بيته إلا ثوبٌ واحد، فدعا له النبي صلى الله عليه وسلم بالخير، فلما عاد لزوجته سألته عن سبب غيابه، فقصَّ عليها ما كان من أمر رسول الله، وأنه استوقفه وحكى لها ما دار بينهما، فقالت لزوجها: أتشكو ربك لمحمد؟
ولما سألوها بعد ذلك قالت: غاب عني مقدار مائة تسبيحة فانظر إلى ساعتها التي تضبط عليها وقتها. اهـ.

.قال السمرقندي في الآيات السابقة:

قوله تعالى: {وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ}.
يعني: حلفوا بالله، وإذا حلفوا بالله كان ذلك جهد اليمين.
{لَئِنْ أَمَرْتَهُمْ لَيَخْرُجُنَّ} من الأموال.
قال الله تعالى للنبي صلى الله عليه وسلم: {قُل لاَّ تُقْسِمُواْ} أي لا تحلفوا {طَاعَةٌ مَّعْرُوفَةٌ} يعني: هذه منكم طاعة معروفة، لا طاعة نفاق، فكأن فيه مضمرًا، لأن بعض الناس منافقون، فأخبر أن هذه طاعة ليس فيها نفاق.
ثم قال: {إِنَّ الله خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ} يعني: في السر والعلانية ثم قال عز وجل: {قُلْ أَطِيعُواْ الله وَأَطِيعُواْ الرسول} يعني: أطيعوا الله في الفرائض، وأطيعوا الرسول في السنن.
{فَإِن تَوَلَّوْاْ} يعني: أعرضوا عن الطاعة لله والرسول {فَإِنَّمَا عَلَيْهِ مَا حُمّلَ} يعني: ما أمر بتبليغ الرسالة وليس عليه من وزركم شيء، {وَعَلَيْكُمْ مَّا حُمّلْتُمْ} يعني: ما أمرتم، والإثم عليكم، وإذا تركتم الإجابة {وَإِن تُطِيعُوهُ} يعني: النبي صلى الله عليه وسلم {تَهْتَدُواْ} من الضلالة.
ثم قال: {وَمَا عَلَى الرسول إِلاَّ البلاغ المبين} وفي الآية مضمر، فكأنه يقول: وإن تعصوه {وَمَا عَلَى الرسول إِلاَّ البلاغ المبين} يعني: ليس عليه إلا التبليغ.
قوله عز وجل: {وَعَدَ الله الذين ءامَنُواْ مِنْكُمْ وَعَمِلُواْ الصالحات} وذلك أن كفار مكة لما صَدُّوا المسلمين عن مكة عام الحديبية، فقال المسلمون: لو فتح الله مكة ودخلناها آمنين، فنزل قوله: {لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ في الأرض} يعني: لينزلنهم في أرض مكة {كَمَا استخلف الذين مِن قَبْلِهِمْ} يعني: من قبل أمة محمد صلى الله عليه وسلم من بني إسرائيل وغيرهم، {وَلَيُمَكّنَنَّ لَهُمْ} يعني: ليظهرن لهم {دِينَهُمُ} الإسلام {الذى ارتضى لَهُمْ وَلَيُبَدّلَنَّهُمْ مّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا} من الكفار {يَعْبُدُونَنِى} يعني: لكي يعبدوني {لاَ يُشْرِكُونَ بِى شَيْئًا} ويقال: معناه يعبدونني لا يشركون بي شيئًا، أي: يظهر عبادة الله تعالى، ويبطل الشرك.
وروى الربيع بن أنس عن أبي العالية قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه بمكة زمانًا، نحوًا من عشر سنين، وهم خائفون لا يؤمرون بالقتال، حتى إذا أمروا بالهجرة إلى المدينة، فقدموا المدينة، أمرهم الله تعالى بالقتال، فكانوا بها خائفين يُمسون في السلاح، ويصبحون في السلاح، فقال رجل من أصحابه يا رسول الله نحن أبدًا خائفون، هل يأتي علينا يوم نأمن فيه، ونضع فيه السلاح؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لاَ يَكُونُ إلاّ يَسِيرًا حَتَّى يَجْلِسَ الرَّجُلُ مِنْكُمْ فِي المَلإ العَظِيمِ مُحْتَبِيًا لَيْسَتْ فِيهِ حَدِيدَةٌ» ونزلت هذه الآية {وَعَدَ الله الذين ءامَنُواْ مِنْكُمْ وَعَمِلُواْ الصالحات ضَلَلْنَا في الأرض} الآية.
ويقال: نزلت في شأن أبي بكر وعمر وعثمان وعليّ رضي الله عنهم {لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ} يعني: يكونوا خلفاء بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم واحدًا بعد واحد.
ثم قال: {وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذلك} يعني: بعد الأمن والتمكين {فَأُوْلَئِكَ هُمُ الفاسقون} أي العاصون.
قرأ عاصم في رواية أبي بكر {كَمَا استخلف} بضم التاء على فعل ما لم يُسَمَّ فاعله.
وقرأ الباقون بنصب التاء لأنه سبق ذكر الله تعالى.
وقرأ ابن كثير وعاصم في رواية أبي بكر {وَلَيُبَدّلَنَّهُمْ} بالتخفيف.
وقرأ الباقون بتشديد الدال من بدَّل يبدِّل والأول من أبْدَلَ يُبْدِلُ.
قوله عز وجل: {وَإِذْ أَخَذْنَا} يعني: أقروا بها وأتموها.
{وَإِذْ أَخَذْنَا} يعني: أقروا بها وأعطوها.
{وَأَطِيعُواْ الرسول} فيما يأمركم به من التوحيد والطاعة {لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} فلا تعذبون.
قوله عز وجل: {لاَ تَحْسَبَنَّ الذين كَفَرُواْ مُعْجِزِينَ في الأرض} يعني: فائتين، ويقال سابقين أمر الله تعالى، ويقال: معناه لا تظن أنهم يهربون منا وأنهم يفوتون من عذابنا.
{وَمَأْوَاهُمُ النار وَبِئْسَ المصير} يعني: صاروا إليه وبئس المرجع.
قرأ حمزة وابن عامر {لا يَحْسَبَنَّ} بالياء ونصب السين، وقرأ الباقون بالتاء بلفظ المخاطبة وكسر السين.
قوله عز وجل: {ذَلِكَ بِأَنَّ الذين كَفَرُواْ} قال ابن عباس: وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث غلامًا من الأنصار يقال له مدلج إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه ظهيرة ليدعوه فانطلق الغلام ليدعوه، فوجده نائمًا قد أغلق الباب، فأخبر الغلام أنه في هذا البيت، فقرع الباب على عمر فلم يستيقظ، فدخل فاستيقظ عمر، فجلس، فانكشف منه شيء، فرآه الغلام، فعرف عمر أنه قد رآه، فقال عمر: وددت أن الله تعالى نهى أبناءنا ونساءنا وخدمنا أن يدخلوا علينا هذه الساعة إلا بإذن، ثم انطلق معه إلى النبي صلى الله عليه وسلم فنزلت هذه الآية {المصير يا أيها الذين ءامَنُواْ لِيَسْتَأْذِنكُمُ الذين مَلَكَتْ أيمانكم} يعني: العبيد والإماء والولاية {والذين لَمْ يَبْلُغُواْ الحلم مِنكُمْ} يعني: وليستأذنكم الذين لم يبلغوا الحلم، يعني: الاحتلام، وهم الأحرار من الغلمان {ثَلاَثَ مَرَّاتٍ} لأنها ساعات غرة وغفلة، ثم بين الساعات الثلاث، فقال: {مّن قَبْلِ صلاة الفجر} لأن ذلك وقت لبس الثياب {وَحِينَ تَضَعُونَ ثيابكم مّنَ الظهيرة} أي وقت القيلولة {وَمِن بَعْدِ صلاة العشاء} وذلك وقت النوم {ثَلاَثُ عَوْرَاتٍ لَّكُمْ} يعني: ثلاث ساعات وقت غرة، أي: عورة وغفلة، وهن أوقات التجرد وظهور العورة.
وقرأ حمزة والكسائي وعاصم في رواية واحدة {ثَلاَثُ عَوْرَاتٍ} بنصب الثاء، وقرأ الباقون بالضم، فمن قرأ بالنصب فمعناه ليستأذنكم ثلاث عورات أي ثلاث ساعات، ومن قرأ بالضم معناه هي ثلاث عورات، فيكون خبرًا عن الأوقات الثلاثة.
وروى عكرمة أن رجلين من أهل العراق سألا ابن عباس عن قوله: {لِيَسْتَأْذِنكُمُ الذين مَلَكَتْ أيمانكم والذين لَمْ يَبْلُغُواْ الحلم مِنكُمْ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ} فقال ابن عباس: إنَّ الله تعالى سِتِّيرٌ يحب الستر، وكان الناس لم يكن لهم ستور على أبوابهم، ولا حجاب في بيوتهم، فربما فاجأ الرجلَ ولده أو خادمه أو يتيم في حجره وهو مع أهله، فأمرهم الله تعالى أن يستأذنوا في ثلاث ساعات التي سمى الله تعالى، ثم جاء الله باليسر، وبسط الرزق عليهم، فاتخذوا الستور، واتخذوا الحجاب، فرأى الناس أن ذلك قد كفاهم من الاستئذان الذي قد أمروا به، وقد قيل إن فيه دليلًا أن ذلك الحكم إذا ثبت فإذا زال المعنى زال الحكم.